إلى الحق إنما تطوُّع منه في سبيل الله، امتثالا لأمره، وقياما بحقه، فلا مطمع له من ورائه في مال أو جاه، وإنما هدفه الوحيد منه ربط صلتهم بالله، وكلما كانت دعوة الداعي لغيره خالية من الطمع فيه، كانت أقرب إلى التأثير عليه.
وقوله تعالى:{وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} إشارة إلى ما عليه عمي البصائر والأبصار من الغفلة عن ملكوت الله، والذهول عن آياته الباهرة، رغما عن كونها معروضة على أقوى وجه وأحسنه في كتاب الكون الفسيح، وهي بمرأى ومسمع من جميع الناس، في جميع الأزمان، وفي كل مكان.
وقوله تعالى:{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} يندرج تحته مشركو العرب الذين كانوا يعبدون الأصنام ويقولون إنها تقربهم إلى الله زلفى، ويندرج تحته اليهود الذين يقولون: عزير ابن الله، والنصارى الذين يقولون: المسيح ابن الله، كما يندرج تحته كل من نسب الضر والنفع والعطاء والمنع إلى غير الله، وكل من علق أمله ورجاءه على المخلوق، لا على الخالق، وكل من حلف بغير الله، بدلا من أن يحلف باسم الله، وكل من عمل عملا ليرائي به الناس، دون أن يقصد به وجه الله، فهؤلاء جميعا يندرجون بوجه أو آخر تحت قوله تعالى هنا {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}. روى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(من حلف بغير الله فقد أشرك). وروى أحمد وأبو داود وغيرهما عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الرقى والتمائم