وقوله تعالى:{أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} إشارة إلى ما يترتب على الغفلة عن الله، والإعراض عن تدبر آياته، وعدم الاعتبار بسننه التي جرى عليها في خلقه، من مداهمة العذاب، والمفاجأة بالعقاب، بينما العقل السليم يقضي بوجوب الاستعداد لكل الطوارئ، والتسلح لمواجهتها بالإيمان الخالص، والعمل الصالح، والتزود بزاد التقوى، لكن الغفلة التي استولت على الغافلين، جعلتهم آمنين مكر الله، أو شبه آمنين، {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}[الأعراف: ٩٩].
ثم اتجه الخطاب الإلهي إلى الرسول الأعظم قائلا:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}. وفي هذا الخطاب يأمر الله رسوله بأن يبلغ الناس أجمعين أن ملة الإسلام هي السبيل الوحيد إلى الله {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي}{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[آل عمران: ٨٥] كما أمره بأن يبلغ الناس أجمعين أن الدعوة التي جاء بها هي دعوة إلى الله، مجردة من كل غرض، إلا ابتغاء مرضاة الله {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} وأن دعوته منبثقة عن إيمان صحيح، ويقين تام، وحجة قائمة، فهو منها على بينة {عَلَى بَصِيرَةٍ}، وأن الدعوة خالدة مستمرة، يقوم بها ويبلغها إلى الناس ما دام على قيد الحياة، ويقوم بها من بعده ورثته وأتباعه