ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وغيرهم إذ قالوا:" لها عمد، ولكن لا ترى ".
وهذا التأويل الثاني هو الذي يتمشى معه ما ذهب إليه بعض المعاصرين في تفسير هذه الآية، من أن كتل الأجرام السابحة في الفضاء الفسيح، الهائلة ثقلا وكثافة وحيزا، وإن كان يظهر لنا أنها لا ترتكز على شيء يدعمها ويرفع ثقلها الهائل، فإن هناك شيئا محققا يمسكها ويتحكم فيها قبضا وبسطا، بإرادة الله وحسن تدبيره، وهذا الشيء الخفي هو " قانون الجاذبية "، الذي اهتدى إلى إدراكه علماء الطبيعة بعد جهد جهيد، فالعمد التي لا ترى هي " الجاذبية " التي تجذب الثقيل إلى الأثقل، والكبير إلى الأكبر، وصدق الله العظيم.
وقوله تعالى هنا {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ} لا يناقض مبدأ أن الأرض مكورة، فالمد واقع من جهة أن كل قطعة من الأرض على حدتها ممدودة، والتكوير واقع من جهة أن جملة الأرض لها شكل كروي، ولا تعارض بين الأمرين.
وقوله تعالى هنا:{وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} معناه الظاهر، والمحسوس، أنه سبحانه خلق من الثمرات أنواعا متعددة، وخلق من نوع الثمرة الواحدة عدة أصناف، مختلفة الأشكال والألوان والروائح والطعوم والأحجام والمنافع، مما يدل على عظيم قدرته، وجليل حكمته، فهناك مثلا عنب أسود وأبيض، وتفاح حلو وحامض، وهناك تمر تجاوز أصنافه العشرات