تعالى هو المنفرد يعلم ما في الأرحام على وجه التحقيق، أذكر أم أنثى، أوحيد أم توأم {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى}، وهو المنفرد وحده بعلم ما يقع في الأرحام من زيادة أو نقص، وسلامة أو آفة، وتعجيل أو تأجيل {وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ}، وهو المنفرد وحده بعلم النسمات {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ}.
وقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} إشارة إلى عدل الله المطلق وحكمته البالغة، وأنه لا يسلب النعم، ويبتلي بالنقم، إلا من غير طريقته في الشكر والطاعة، فأعرض عن الله، ونأى عنه بجانبه، فإذا انتقل من المعصية إلى الطاعة، ومن الكفر إلى الشكر، ومن الانحراف إلى الاستقامة، أكرمه الله بعفوه ورضاه، وسلك به مسالك النجاة، فردا كان أو أمة.
وقوله تعالى {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ} يشبه قوله تعالى في نفس السياق: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}. والمراد التنبيه إلى أصوات الرعد الهائلة المماثلة للانفجار، وإلى ما يرافقها أحيانا من صواعق تحرق الأخضر واليابس، الأمر الذي يدل على قدرة الله، ويثير في النفوس الخوف من عذاب الله، مما يهز كيان الإنسان، ولو كان ضعيف الإيمان، ويضطره إلى تسبيح الله وتنزيهه ولو لم يكن ذلك باللسان.