خِلَالٌ} إشارة إلى وجوب مبادرة المؤمنين بأداء ما عليهم من الحقوق لله ولعباده، دون تأخير ولا إمهال ولا إهمال، حذرا من أن يفاجئهم الموت قبل أن يقوموا بها، فلا يمكنهم أن يتداركوها يوم القيامة، إذ إن يوم القيامة يوم لا تنفع فيه فدية بمال ولو كانت ملء الأرض ذهبا {يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ}، ولا تنفع فيه محبة الأحباب وخلة الأصحاب {وَلَا خِلَالٌ}.
ثم استعرض كتاب الله جملة من بدائع الصنع الإلهي في العالم العلوي والعالم السفلي، مذكرا بما انطوت عليه من نعم كبرى سخرها للإنسان، داعيا إياه إلى التأمل في عجائبها وتدبر آياتها، إذ كلها دلائل ناطقة بوجوده وقدرته، وعلمه وحكمته، ومظاهر بارزة لإحسانه ورحمته، فقال تعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} والمراد بقوله تعالى هنا {دَائِبَيْنِ} أن الشمس والقمر يتعاقبان باستمرار، فلا يفتران في سيرهما، ولا يتوقفان عن حركتهما، وذلك مما يتفق كل الاتفاق وينسجم كل الانسجام مع ما تتوقف عليه حياة الإنسان والحيوان والنبات، ومصالح الأحياء جميعا فوق سطح الأرض.
وامتن سبحانه وتعالى على الإنسان امتنانا خاصا بما أكرمه به من جميع النعم، التي يتوقف عليها في تصرفاته، الضرورية والحاجية والكمالية، سواء في ذلك ما سأله منها بلسان المقال،