وشكره، وقد استجاب الله دعاء إبراهيم الخليل، واستمر البلد الحرام رافلا في حلل النعيم جيلا بعد جيل، وامتنانا من الله تعالى على أهله والوافدين عليه، قال تعالى:{أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا}.
وفي تفسير هذه الآية قال جار الله الزمخشري وهو شاهد عيان لما كان عليه البلد الحرام في القرن الخامس الهجري وأوائل القرن الذي يليه:" لا جرم أن الله عز وجل أجاب دعوة إبراهيم، فجعله حرما آمنا تجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنه، ثم فضله، في وجود أصناف الثمار فيه، على كل ريف، وعلى أخصب البلاد وأكثرها ثمارا، وفي أي بلد من بلاد الشرق والغرب ترى الأعجوبة التي يريكها الله بواد غير ذي زرع، وهي اجتماع البواكير والفواكه المختلفة الأزمان، من الربيعية والصيفية والخريفية في يوم واحد، وليس ذلك من آياته بعجيب، متعنا الله بسكنى حرمه، ووفقنا لشكر نعمه ".
وقوله تعالى هنا حكاية عن إبراهيم {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ}، إشارة إلى ما حببه الله إلى المؤمنين من حج بيت الله الحرام، وقدومهم عليه من جميع أطراف العالم كل عام.
قال القاضي أبو بكر (ابن العربي) عند تفسيره هذه الآية {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ}: " لا يجوز لأحد أن يتعلق به في طرح عياله وولده بأرض مضيعة (أي مفازة منقطعة) اتكالا على العزيز الرحيم، واقتداء بفعل إبراهيم، فإن