والمؤمنين، وهكذا ينبغي لكل داع أن لا يخص نفسه بالدعاء، بل أن يدعو لنفسه ووالديه وذريته وكل من له حق عليه، وأن يدعو لكافة المؤمنين.
وقد نبه علماء التفسير في هذا المقام إلى أن دعاء إبراهيم لوالديه معا حسبما ورد في هذه الآية كان سابقا على معرفته بما سيستقر عليه أمر والده، وإلى ذلك يشير قوله تعالى في سورة التوبة {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ}[الآية: ١١٤].
وقوله تعالى:{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} إلى آخر الآية، تنبيه عام من الله تعالى موجه لكل ذي عقل وبصيرة من عموم الناس، إلى أن الله تعالى إذا أمهل الظالمين فإنه لا يهملهم، إذ إليه يرجعون، وسيعاقبهم على ما يعملون.
وجدد كتاب الله الخطاب لرسوله، يأمره بتبليغ الرسالة وإنذار الخلق، حتى تقوم عليهم الحجة، ولا يبقى لهم أي عذر في التخلف عن إجابة الدعوة، فقال تعالى:{وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ}.
وقوله تعالى:{فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} خطاب عام من الله تعالى موجه إلى كل ذي عقل وبصيرة من عموم الناس، بأن لا يشك أدنى شك في إنجاز أي وعد وعد الله به، أيا كان الشخص الموعود به، ولاسيما الوعد الذي وعد الله به رسله أنفسهم. قال أبو القاسم ابن جزي: