" قدم (الوعد) في قوله {فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ} وهو المفعول الثاني على قوله {رُسُلَهُ} وهو المفعول الأول، ليعلم أنه لا يخلف الوعد أصلا على الإطلاق، ثم قال:{رُسُلَهُ} ليعلم أنه إذا لم يخلف وعد أحد من الناس فكيف يخلف وعد رسله وخيرة خلقه، فقدم الوعد أولا بقصد الإطلاق، ثم ذكر الرسل بقصد التخصيص ".
وإذا كان توجيه الخطاب إلى عموم الناس في قوله تعالى:{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} وقوله تعالى: {فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ} أمرا مفهوما ومعقولا، فإن من غير المفهوم وغير المعقول أن يعتبر الخطاب فيهما موجها إلى الرسول نفسه عليه السلام، لأنه لا يتصور في حق الرسول أن يسيء الظن بالله أو يشك في إنجاز وعده الحق، قال أبو حيان في تفسيره:" الخطاب بقوله {ولا تحسبن الله غافلا} للسامع الذي يمكن منه حسبان مثل هذا، لجهله بصفات الله، لا للرسول صلى الله عليه وسلم فإنه مستحيل ذلك في حقه، والنهي عن الحسبان في قوله {فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ} كهو في قوله {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا} ".
وقوله تعالى:{يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} إشارة إلى ما يعتور الكون من تغيير وانقلاب لا يبقى معهما على صورته المألوفة، وذلك عند قيام الساعة. يقال: تبدل فلان إذا تغيرت أخلاقه، ويقال: بدلت الدراهم دنانير، وبدلت الحلقة خاتما. وهكذا يطلق (التبديل) ويراد به إما تغيير شيء بآخر بدلا