وقوله تعالى: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} يصف فيه كتاب الله جميع الكفار والمنافقين المعاندين الذين أصموا آذانهم عن سماع دعوة الدين، وتلقي الحق المبين، والمراد هنا أن هذا الصنف من الخلق لو رأوا بأعينهم أعظم خارق للعادة، وعرج بهم إلى السماء، والتحقوا بالملأ الأعلى، لأنكروا أمره، وادعوا أنه مجرد سحر أو تخييل، على غرار ما قاله فرعون وملأوه لموسى الكليم.
وقوله {يَعْرُجُونَ} أي يصعدون، وقوله حكاية عنهم:{سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا} إما من السكر ضد الصحو، فيكون معنى:{سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا}: كنا في غيبوبة، ورأينا الأمر على غير حقيقته، أو من السكر بمعنى السد، فيكون معنى:{سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا}. حبست أبصارنا ومنعت من النظر، وهذا تصوير لادعائهم الكاذب، ولتهربهم بجميع الوسائل من الاعتراف بالحق.
وانتقل كتاب الله إلى التذكير بآيات الله في السماوات والأرض، التي هي أكبر من خلق الناس، عسى أن يتدبروها، ويدركوا ما فيها من حكم عامة لجميع المخلوقات، مصالح خاصة للإنسان وغيره من الحيوان، فقال تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ * إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ * وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ * وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ * وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا