العيون والآبار، ويدخر منها على سطح الأرض ما تجري به الوديان والأنهار، وهكذا يتولى الله خزنها رحمة منه بالإنسان، إذ قيام الإنسان بخزنها كلها والمحافظة عليها ليس في الإمكان.
وقوله تعالى:{وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ} إشارة إلى أن علم الله محيط بكل شيء، وأنه لا يخفى عليه شيء، أزلا وأبدا، من الأوائل والأواخر، ثم أكد كتاب الله أنه سيجمعهم وسيحشرهم جميعا في اليوم الموعود {وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}، والتعبير بقوله {هُوَ يَحْشُرُهُمْ} للتنبيه على أن جمعهم جميعا وحشرهم في صعيد واحد- رغما عن كثرتهم وتفرقهم وتطاول أعصارهم -هو وحده القادر عليه، وليس على الله بعزيز.
وانتقل كتاب الله من الحديث عن خلق السماوات والأرض إلى الحديث عن قصة خلق الإنسان، وما جاهر به إبليس آدم وبنيه من العداوة والبغضاء والحسد، مبينا أن مشيئة الله اقتضت أن يخلق الإنسان {مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}. وأن حكمته اقتضت أن يأمر ملائكته بالسجود لآدم بعد أن يسويه وينفخ فيه روح الحياة، تكريما لما خصه به سبحانه من الخصائص والمزايا التي لم يمنحها لسواه، وذلك قوله تعالى:{فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ}.
ومعنى قوله:{مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} من الوجهة اللغوية: " من طين يابس غير مطبوخ "، ومعنى قوله: