{وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي}: أنعمت عليه بنعمتي الإيجاد والإمداد، وليس هناك نفخ ولا منفوخ، وإنما هو تمثيل وتصوير لما أمر به الحق سبحانه وتعالى من تجهيز الإنسان وتزويده بالأجهزة الضرورية لحياته فوق سطح الأرض {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.
وقوله تعالى في نهاية هذه القصة، خطابا لإبليس اللعين:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} هو الذي سيضطر إلى الاعتراف به إبليس اللعين، عندما يفتضح أمره يوم الدين، قائلا لأتباعه الغاوين، فيما حكاه كتاب الله في سورة إبراهيم:{وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ}[الآية: ٢٢]، فما نفاه الحق سبحانه عن إبليس في البداية {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} هو الذي أقر به إبليس في النهاية - {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ}، وصدق الله العظيم إذ قال:{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ}[الأنعام: ١١٥].
وختم هذا الربع بالحديث عما ينتظر المؤمنين المتقين في جنات النعيم فقال تعالى:{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ} أي يقال لهم: سلام عليكم ادخلوها سالمين {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} أي إخوانا في الآخرة كما كانوا إخوة في الدنيا -إنما المؤمنون إخوة- {لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ} أي تعب {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ}.