قوم صالح عليه السلام، فقال تعالى:{وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ * وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ * وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ * فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}. والحجر هنا اسم للمكان الذي كان قوم صالح نازلين به مستقرين فيه، وهو واقع بين المدينة والشام، وكانت بيوت ثمود ومنازلهم منقورة بالمعاول في الجبال، وقد بلغ تحديهم لنبيهم صالح منتهاه عندما عقروا ناقة الله، التي طالما أمرهم صالح بعدم المساس بها، والتي طالما دعاهم إلى تركها تأكل من أرض الله وتشرب من مائه، فعاقبهم الله على جرائمهم كلها عند عقرهم لها، وكان عقابهم بالصيحة صباحا، فهلكوا وبادوا.
وقوله تعالى:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} إشارة إلى أن الله تعالى لم يخلق خلقه عبثا، وإنما خلقهم لحكم دقيقة، بعضها معلوم، وبعضها استأثر الله بعلمه، ويشبهه قوله تعالى في آية ثانية:{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا}[المؤمنون: ١١٥]، وقوله تعالى في آية ثالثة:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا}[ص: ٢٧].
وقوله تعالى:{فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} تنبيه من الله لرسوله إلى وجوب الصبر على معاملة المشركين وتحمل أذاهم، في سبيل الدعوة إلى الله. و " الصفح الجميل " هو الذي ليس معه أدنى مؤاخذة ولا عتاب.