للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: ١]، وقوله تعالى في آية ثالثة: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ} [الأنبياء: ١]، ووضع الفعل الماضي في الآية موضع المستقبل، لتحقق وقوع " أمر الله " وهو يوم القيامة، إذ هو أمر واقع، ما له من دافع.

وقوله تعالى هنا: {فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} يشبه قوله تعالى في آية أخرى: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ} [الشورى: ١٨].

وقوله تعالى: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} المراد " بالروح " هنا النبوة والوحي، ويشبهه قوله تعالى في آية أخرى: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ} [غافر: ١٥]، ويصدق هذا على " الذكر الحكيم " فهو بمنزلة الروح التي يحيى بها المؤمن، إذ يكيف حياته في الدنيا فيجعلها حياة طيبة، ويعده للحياة الدائمة في الدار الآخرة، فيفوز بالخلود في جنات النعيم.

وبخصوص التعبير " بالروح " عن القرآن الكريم جاء قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: ٥٢]، فالقرآن روح حقيقية ومعنوية، أحيا الله بها الإنسانية دينا ودنيا، وقد كان نزوله نقطة تحول في تاريخ النوع

<<  <  ج: ص:  >  >>