البشري ومرحلة حاسمة في تطور العقائد والشعائر والشرائع، ونقطة انطلاق في حياة الأمم والشعوب والسلالات، مما أدى إلى تغيير خريطة العالم في أكثر البلدان والأقاليم والقارات، فعالم ما بعد القرآن غير عالم ما قبل القرآن، بشهادة الأصدقاء والأعداء.
وقوله تعالى:{خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} إشارة إلى بداية الإنسان المتواضعة، وإلى نهايته المستكبرة، التي يبرز فيها الكبر والعناد، والتمرد على أوامر الله وتوجيهاته للعباد.
ثم انتقلت الآيات الكريمة إلى تعداد النعم التي أنعم الله بها على الإنسان متاعا وانتفاعا، رحمة منه وإحسانا، وبينت جملة من أنواع الدواب التي سخرها لخدمته ومنفعته، مما يرتفق به في مرافقه الضرورية، أو يتغذى منه بأطيب الأغذية، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى هنا:{وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}. وأشارت الآيات الكريمة إلى المنظر الجميل الذي تكون عليه الأنعام عند عرضها حين سرحها وذهابها إلى المراعي، وحين رجوعها ورواحها منها:{وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ}. قال أبو القاسم ابن جزي:" وإنما قدم {تُرِيحُونَ} على {تَسْرَحُونَ} لأن جمال الأنعام بالعشي أكثر، حيث أنها ترجع من المراعي وبطونها ملأى، وضروعها حافلة ".