للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما يشير إليه قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ}، أي: للأصنام والأوثان، التي لا سند لها من العلم والدين، وإنما جرهم إلى عبادتها، الجهل والوهم والتقليد. {نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ * وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ}، أي: ظل وجهه كئيبا من الهم، وهو ساكت من شدة الحزن، يكظم غيظه وهمه. {يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ}، أي: يختفي حتى لا يراه الناس، وذلك: {مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ}، وهذه إشارة إلى ما كان يقدم عليه بعض المشركين من وأد البنات وهن أحياء، وما كان يقوم به البعض الآخر من إبقائهن أحياء، لكن في حالة من الضعة والهوان، وفي هذا الموضوع نفسه، ورد في مكان آخر من هذا الربع، قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ}، وقوله تعالى: تنزيها للحق سبحانه عن كل ذلك: {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.

ثم عقَّب كتاب الله منددا بهذه النظرة الجاهلية السخيفة، هادما لها من الأساس، معيدا بذلك للأنثى كرامتها الأصيلة، معترفا لها بحقها الثابت في الحياة العزيزة الكريمة مثل شقيقها الذكر، فقال تعالى ناقضا لحكم الجاهلية في شأن الأنثى، ومنددا بموقف المشركين منها: {أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}.

ونبَّه كتاب الله إلى أن: (الإيمان بالآخرة)، المنبثق عن

<<  <  ج: ص:  >  >>