للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإيمان بالله، والذي هو له كالنتيجة بالنسبة للمقدمة، هو مصدر جميع أنواع الكمال عند المؤمن؛ لأن الإيمان بالآخرة وتوابعها، يستلزم مراقبة الله في جميع الأحوال، ومن راقب الله قولا وعملا، ظاهرا وباطنا، كان أقرب إلى الكمال، وأبعد عن النقص، بخلاف من لم يؤمن بالآخرة وأصر على إنكارها، فإنه يظل غريقا في أوحال المساوئ والنقائص، بحيث لا يتصور في حقه أي كمال، ولا غرابة في ذلك، فهو سيء العقيدة في الله وفي الناس، وهو سيء السلوك نحو الله ونحو الناس، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى: {لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ}، أي: النقص قائم بهم، ومنسوب إليهم. {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى}، أي: له الكمال المطلق من كل وجه.

ونبَّه كتاب الله إلى ما تواطأ عليه البشر في مختلف العصور، من تظالم فيما بينهم بالبغي والعدوان، رغما عما أمرهم الله به من التزام العدل، وما تواطأوا عليه من ظلم يرتكبونه في حق خالقهم ورازقهم، بالشرك وعبادة الأوثان، رغما عما هداهم إليه من عقيدة التوحيد، وبيَّن أن رحمة الله وحكمته اقتضتا أن تستمر عمارة الأرض إلى اليوم الموعود، فأخر لذلك مؤاخذتهم على ظلمهم، وتركهم يتقلبون في نعمه إلى حلول أجلهم، حتى إذا ما حل الأجل أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، وذلك قوله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ}، أي: لأباد من الأرض الحياة والأحياء، {وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>