للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المعنى هو الذي يشير إليه قوله تعالى في نفس السياق: {فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}.

على أن التفاوت بين الناس ليس منحصرا في الأرزاق وحدها، بل هو موجود حتى في أعمارهم وآجالهم، وما يصاحب ذلك من أعراض الشيخوخة والهرم، ففي نهاية الربع الماضي، وقبل الحديث عن التفاوت في الأرزاق في بداية هذا الربع، سبق قول الله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ}. فهذه الآية تشير إلى واقع محسوس: أفراد يطول عمرهم حتى يدركهم الهرم، وآخرون يموتون في شرخ الشباب، وأفراد -رغما عن طول عمرهم وهرمهم- يتمتعون بملكاتهم الذهنية إلى آخر رمق، وآخرون يردون إلى " أرذل العمر "، فيفقدون جميع ملكاتهم، أو أكثرها قبل حلول الأجل بزمن طويل، وكما أنه لا سبيل إلى المساواة بين الناس في أعمارهم وآجالهم، فإنه لا سبيل إلى المساواة بينهم في أرزاقهم ومواهبهم، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}.

وفي هذا السياق ندد كتاب الله بسخافة المشركين وعباد الأصنام والأوثان، فإنهم بدلا من أن يعبدوا خالقهم ورازقهم، ويفردوه بالعبادة والطاعة دون سواه، يتوجهون إلى من لا يملك لهم رزقا، ولا يستطيع لهم ضرا ولا نفعا، وإلى ذلك يشير قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>