والمراد " بالعبد " هنا: الصنم والوثن الذي يعبده المشرك، وقد أطلق كتاب الله على الأصنام كلمة (عباد) في آية أخرى؛ إذ قال:{إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ}[الأعراف: ١٩٤]، قال مجاهد:" هذا المثل "، أي:{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ}، إلى آخر الآية، مضروب للوثن وللحق سبحانه وتعالى، فهل يستوي هذا وهذا؟ ". وقال ابن كثير: " لما كان الفرق بينهما ظاهرا بينا لا يجهله إلا غبي، جاء التعقيب على ذلك بقوله تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}.
وقوله تعالى هنا:{فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، نهي لعباده أن يتقولوا عليه، ويضربوا له الأمثال من عند أنفسهم ووحي خيالهم، إذ ليس لله في الحقيقة مثال، كيفما كان تصور الخيال:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}. نعم إذا وجدنا في كتاب الله مثلا مضروبا من الذات العلية وقفنا عند حده، ولم نتجاوزه إلى غيره، كما لا نصفه سبحانه وتعالى ولا نسميه إلا بالصفات والأسماء الواردة في كتابه العزيز وعلى لسان نبيه الكريم.