وَجَهْرًا}، تنبيه إلى أن " الرزق الحسن " عند الله هو الذي يؤدي العبد حقه دون منّ ولا أذى، فينفق منه في سبل الخير ووجوه البر، الظاهر منها والخفي، معتمدا على وعد الله تعالى في قوله الحق:{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}[سبأ: ٣٩]، وما عدا ذلك فهو رزق، لكنه " رزق سيء "، إذ لا نفع من ورائه للغير، ولا أثر له في إشاعة البر والخير.
ونظرا لكون الإسلام يدعو إلى العمل الإيجابي والمساهمة الفعلية في إصلاح المجتمع، فإن كتاب الله يستنكر موقف الشخص الكسول العاجز، المتكل على غيره، الذي لا ينفع نفسه ولا غيره، وينوه بموقف الشخص الشجاع الصريح، الذي ينهى عن الظلم ويأمر بالعدل، والذي يعطي المثل من نفسه لبقية الناس في الهداية وحسن السلوك، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى:{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ}، وهذه كناية عن عجزه وسلبيته، {لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ}، أي: عبء ثقيل على غيره، {أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
وعرض كتاب الله نماذج متنوعة توقظ الإنسان الغافل، وتلفت نظره إلى علم الله المحيط بكل شيء، وقدرته الواسعة، وحكمته الباهرة، وإبداعه الفريد في الأنفس والآفاق، مما لا مثيل له ولا نظير، فقال تعالى: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ