وخصَّ كتاب الله بالذكر والامتنان نعمة " الأسرة " التي يطمح إليها كل إنسان عاقل، حتى إنه ليكافح في سبيل الاستمتاع بها والحصول عليها بجميع الوسائل، فقال تعالى:{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ}، فامتن على الرجال بأن جعل زوجاتهم بشرا من جنسهم، إذ خلق الذكر والأنثى من نفس واحدة، إن اختلفا في وظائفهما العملية والاجتماعية، فإنهما لا يختلفان في خصائصهما النوعية والإنسانية. والحكمة الإلهية في ذلك أن يعاشر الرجل امرأة من جنسه، وأن تعاشر المرأة رجلا من جنسها تتجاوب معه، فتحس نفس الإحساس، وتشعر بنفس الشعور، وتتكلم نفس اللغة، ثم امتن سبحانه على الآباء والأمهات بما يرزقهم من البنين والحفدة، إذ الذرية الصالحة هي أطيب الثمرات لشجرة الزواج المباركة، وهي إحدى حسنات الإنسان التي لا تنقطع بعد الموت.
ونبَّه كتاب الله إلى أن الوظيفة الأساسية التي يرمي إليها الإسلام من تأسيس البيوت لإقامة الأسر والعائلات، هي: الحصول على نوع خاص من الحياة يتميز عن كل ما عداه بالسكينة والهدوء والطمأنينة وراحة البال، ولن يؤدي البيت هذه الوظيفة الحيوية إلا إذا كان مستوفيا لشرائط الراحة والانسجام، ماديا وروحيا، وإلا إذا كان أعضاؤه المتساكنون فيه على غاية الوِفاق والوئام، وفي