وتناولت الآيات الكريمة بعد ذلك الحديث عن القرآن العظيم: عن تنزيله، وعن لسانه، وعن رسالته، وعن آداب تلاوته.
فعن حكمة تنزيله قال تعالى:{وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ}[الآية: ١٠١]، وقال تعالى:{قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ}.وعن لسان وحيه قال تعالى:{لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ}. وعن مضمون رسالته قال تعالى:{لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}. وعن آداب تلاوته قال تعالى:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}، قال أبو بكر الجصاص:" معناه إذا أردت القراءة فاستعذ، إذ ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن السلف الاستعاذة قبل القراءة، والاستعاذة ليست بفرض ". وبنفس هذا الاستعمال ورد قوله تعالى:{وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا}[الأنعام: ١٥٢]، وقوله تعالى:{إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً}[المجادلة: ١٢]، وقوله تعالى:{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ}[المائدة: ٦]، أي: إذا أردتم القيام إلى الصلاة. وقال ابن كثير:" هذا أمر من الله لعباده على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا قراءة القرآن، أن يستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم، وهذا أمر ندب لا وجوب "، حكى الإجماع على ذلك أبو جعفر بن جرير وغيره من الأئمة ".
والحكمة في تقديم الاستعاذة قبل قراءة القرآن هي التحصن بالله من وساوس الشيطان، {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى