الصيغة تتضمن وعدا قاطعا من الله تعالى، وتفيد أنه وعد " نافذ " في نفس هذه الحياة لا مرد له، مما يدل أقوى دلالة على أن آثار الأعمال الصالحة تظهر على أصحابها في دنياهم قبل آخرتهم.
وفيما يخص الشق الثاني، قال تعالى في السياق وبنفس التأكيد:{وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
و" الحياة الطيبة " التي وعد الله بها من التزم العمل الصالح، تشمل جميع وجوه الطمأنينة التي يطمح إليها الإنسان في حياته، وجمعها ابن عباس في كلمة واحدة فقال:" الحياة الطيبة: هي السعادة ".
وقوله تعالى:{وَهُوَ مُؤْمِنٌ}، الذي توسط هذه الآية بين العمل الصالح والجزاء عليه، إشارة إلى أن:" الإيمان " أمر أساسي بالنسبة للجزاء الكامل على العمل الصالح؛ لأنه هو الذي يعطي للعمل الصالح طابعه الخاص، وهو الذي يحمل عامله على أن يجعل هدفه الوحيد من عمله ابتغاء مرضاة الله دون سواه، وبدون الإيمان بالله لا يتمحض هذا الغرض، ولا يكون العمل الصالح مظهرا من مظاهر الطاعة والعبادة. وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يظلم المؤمن حسنة، يعطى بها في الدنيا، ويثاب عليها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يعطى بها خيرا). والقسم الأخير من هذا الحديث الشريف ينظر إلى قوله تعالى:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}[الفرقان: ٢٣].