للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي آيات هذا الربع من القرآن الكريم يتجلى رفق الإسلام، وما انبنى عليه من السماحة واليسر، حيث يسمح لمن أصابه مرض أو لحقه أذى، أثناء حجه، بارتكاب ما كان ممنوعا عليه في حالة الصحة وعدم الأذى، والفدية عنه مقابل الرخصة التي رخص له بها الحق سبحانه وتعالى تيسيرا وتخفيفا، وتعرف هذه الفدية بفدية الأذى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}.

وفي نفس هذا الاتجاه وعلى أساس القاعدة الإسلامية، قاعدة اليسر ورفع الحرج التي تميز بها الإسلام، نزل قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}. فقد جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية، فتأثموا في الإسلام أن يتجروا فيها (أي خافوا أن ينالهم إثم بالتجارة فيها) فنزلت الآية: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}. يعني موسم الحج. قال القاضي أبو بكر (ابن العربي) المعافري في كتابه أحكام القرآن: " في هذا دليل على جواز التجارة في الحج للحاج مع أداء العبادة، وأن القصد إلى ذلك لا يكون شركا، ولا يخرج به المكلف عن رسم الإخلاص المفترض عليه " إلى آخر كلامه.

ومما ينسجم مع هذه الآية ويؤكد معناها قوله تعالى في سورة الحج {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>