الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا}، وفي قوله تعالى:{ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ} إلى آخر الآية. فهذا هو ما يقتضيه سياق الآيات المتلاحقة، ويقضي به نظامها العام، وارتباطها التام، قال ابن كثير:" وفيما قص الله علينا في كتابه غنية عما في سواه من بقية الكتب قبله، وقد أخبر الله عن بني إسرائيل أنهم كلما طغوا وبغوا سلط الله عليهم عدوهم فاستباح بيضتهم، جزاء وفاقا، وما ربك بظلام للعبيد ".
وانتقل كتاب الله إلى الحديث عن الميزة الخاصة التي امتاز بها القرآن الكريم، وأنه اشتمل على لب الدين الصحيح وجوهره الكامل، وعلى شريعة الله الفاضلة في أسمى أطوارها، وأنه بعد نزوله لم تبق هناك طريقة أقوم من طريقته، ولا شريعة أفضل من شريعته، فهو الحري والأحق بالإتباع، من جميع الشيع والأتباع، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى في إيجاز وإعجاز:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} أي يهدي للعقيدة التي هي أقوم، والشريعة التي هي أقوم، والحياة التي هي أقوم.
وقوله تعالى:{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} معناه ألزمنا كل إنسان جزاء عمله، وما يستحقه، بحيث يصبح عمل الأخيار لازما لهم لزوم القلادة للعنق، وعمل الأشرار لازما لهم لزوم الغل للعنق، وواضح أن العنق عضو لا نظير له في جسد الإنسان، فمن ألزم فيه بشيء لم يفك عنه بحال.