وجوب الارتباط الدائم بالله أولا، ثم الارتباط الوثيق بالأسرة ثانيا، إذ الأسرة هي الخلية الأولى للمجتمع، والأمة الإسلامية يجب أن تتألف من مجموعة أسر تتبادل العون والعطف، وتتعاون على البر والتقوى.
ثم تكفل كتاب الله بالإرشاد إلى وجوه الإحسان والبرور التي يجب على الأولاد أن يقدموها إلى الوالدين في جميع الظروف، ولاسيما عند كبرهما، وضعفهما، فنهى عن التضجر منهما والتبرم بهما، ودعا إلى حسن الأدب معهما والتواضع لهما، ورعايتهما حق الرعاية بقية حياتهما، كما دعا إلى الترحم عليهما والوفاء لذكراهما بعد انتقالهما إلى رحمة الله، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى هنا:{فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}.
وقوله تعالى هنا:{إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا} تصوير الاستثنائية التي يحتاج فيها الوالدان أكثر فأكثر، إلى برور الأولاد، وهي حالة الكبر والهرم، التي يرافقها الضعف والعجز، ففي هذا الطور من العمر الذي يصل إليه الأب، أو تصل إليه الأم، أو يصلان إليه معا، يحتاج الوالدان حاجة ملحة إلى برور أولادهم، ويتطلعان بلهفة وشوق إلى مزيد رعايتهم، إذ تكون الأم ويكون الأب قد استنفذ كل منهما طاقات شبابه، وأفنى كل منهما زهرة حياته في تنشئة الأولاد وتربيتهم، وبذل كل منهما النفس والنفيس في سبيل إسعادهم، دون أدنى