تحفظ ولا أدنى حساب، وبذلك يَرُدُّ الأولاد لوالديهم وهم كبار، بعض ما أسداه اليهم والدوهم وهم صغار.
هذا وينبغي لكل ولد ولد أن لا يغفل عن الخطاب الإلهي الموجه إليه من الحق سبحانه وتعالى هنا بشكل مباشر إذ يقول:{إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا} فكلمة {عِنْدَكَ} هنا إنما جاءت لتشير إلى أن الوالدين في حالة شيخوختهما يصبحان غالبا في كنف أولادهما، ويقضيان أيامهما الأخيرة في رعايتهم وعلى مسؤوليتهم، فعلى الأولاد أن يقوموا بحقوق الأبوة على الوجه الأكمل، كما قام الآباء بحقوق البنوة على الوجه الأفضل. وتذكيرا بتضحيات الوالدين في سبيل أولادهما عندما كانوا أفقر خلق الله إليهما، طالب الحق سبحانه وتعالى الأولاد بسؤال الرحمة لهما جزاء وفاقا، فقال تعالى مرشدا ومعلما صيغة الدعاء المناسب لهذا المقام:{وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}.
ولم يهمل كتاب الله الإشارة إلى ما قد يلحق بعض الأولاد من ضجر أو ملل أو فتور في القيام بحقوق الوالدين، مما قد تثيره بعض تصرفاتهما في حالة الهرم والكبر، فنبه الحق سبحانه وتعالى إلى أنه مطلع على سرائر النفوس لا يخفى عليه منها شيء، وأنه إذا فرط من الأولاد شيء من التقصير في حق الوالدين، في حالة غضب أو ضيق صدر، وكانت نيتهم نحو الوالدين لا تزال نية صالحة بريئة من السعي في الأذى والميل إلى العقوق، فإن الله يغفر للأولاد ما فرط منهم إذا ما بادروا للتوبة من تقصيرهم، وتداركوا القيام بحقوق الوالدين، وأنه يعفو عما سلف منهم ولا