فرض أن الإنسان مكون تكوين الجمادات كالحديد والحجارة، لا تكوين الأحياء الذين تبقى منهم بعد الموت بقايا العظام والرفات، فإن قدرة الله لا تعجز عن نفخ الحياة فيه بعد الموت، كما نفخت فيه الحياة وأوجدته من العدم عند نشأته الأولى، فالقدرة الإلهية متى اتجهت إلى تكوين أي شيء كان حتما {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.
ونبه كتاب الله إلى أن الإنسان مهما تلكأ وتشكك وطال به الأمد فإنه سيبعث من مرقده لا محالة، وأنه لا مناص له من تلبية النداء الإلهي والاستجابة إليه يوم البعث والجمع للحساب، فقال تعالى:{يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا}. وقوله تعالى {بِحَمْدِهِ} بعد قوله {فَتَسْتَجِيبُونَ} إشارة إلى أن أشد الناس إنكارا للبعث وإلحادا فيه لا يسعهم إلا أن يستجيبوا لدعوة الله عندما تدق الساعة، راضين غير ساخطين، مطيعين غير متمردين، على خلاف ما كانوا عليه في الدنيا من شك في البعث، وإنكار الحساب.
وانتقل كتاب الله إلى الحديث عن وصية إلهية أخرى تندرج في جملة ما أوحاه الله إلى نبيه من " الحكمة "، فقال تعالى مخاطبا رسوله ليبلغ خطابه إلى المؤمنين:{وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} وهذا نداء موجه من الحق سبحانه وتعالى إلى كل من يعتز بالعبودية لله ويتمسك بطاعته، {وَقُلْ لِعِبَادِي} أي يختاروا الكلمة التي هي أحسن على الكلمة التي هي دونها حسنا، في جميع مخاطباتهم وعلاقاتهم مع الناس، ولو كان المخاطبون