مشركين أو كتابيين، فما بالك بإخوانهم المؤمنين. وعرض كتاب الله في هذا السياق مثالا من أمثلة الكلمة التي هي أحسن، لتكون نموذجا للأسوة والإقتداء، وهذا المثال هو قوله تعالى على لسان عباده المؤمنين لمخالفيهم في العقيدة والدين:{رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ} على غرار قوله تعالى في آية أخرى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}[سبأ: ٢٤].
وقوله تعالى:{إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ} آية معترضة بين قوله " التي هي أحسن " وقوله " ربكم أعلم بكم " جيء بها مبالغة في تحذير المؤمنين من فلتات اللسان، التي تعد من أخطر مصايد الشيطان، لأنها توغر صدر الإنسان على أخيه الإنسان {إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}.
وقوله تعالى هنا:{وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} يشبه قوله تعالى في سورة البقرة: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}[الآية: ٢٥٣]، والمفاضلة بين الأنبياء والرسل لا تمس جوهر النبوة في حقيقتها، ولا طبيعة الرسالة في حد ذاتها، وإنما تتعلق بجوانب زائدة على ذلك، كالأزمنة التي يظهرون فيها، والأمكنة التي يبعثون بها، والأقوام الذين يبعثون إليهم، ونوع الدعوة المطالب كل منهم بتبليغها، وأسلوب الدعوة المستعمل فيها، ومبلغ النجاح الذي يصادف تلك الدعوة، وعدد الأتباع الذين يؤمنون بها ويكيفون حياتهم بموجبها. وذكر الزبور في قوله تعالى هنا:{وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} تلميح إلى ما تضمنه