للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

" الزبور " من التبشير بخاتم الأنبياء والمرسلين، والتبشير بأمته التي هي في عداد الصالحين، مما أشار إليه كتاب الله في آية أخرى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: ١٠٥].

وانتقل كتاب الله إلى تسفيه رأي كل من يلجأ إلى غير الله، أو يتعلق بغيره في جلب نفع أو دفع ضر، ناسيا أنه لا ملجأ من الله إلا إليه، وأنه يجيب المضطر إذا دعاه، ولا يخيب من اعتمد عليه، وذلك معنى قوله تعالى هنا: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا}.

ثم مضى كتاب الله يبين أن أهل المقامات العلية الذين تعقد عليهم الآمال، وتناط بهم الآمال، عند عامة الناس، هم أنفسهم واقفون بباب الله، يتسابقون فيما بينهم إلى طاعة الله، ويلاحق كل منهم الآخر في ابتغاء رضاه، ليكون أقرب إلى مولاه، وقلوبهم جميعا معلقة بين جناحي الخوف والرجاء، في حالتي السراء والضراء، وذلك معنى قوله تعالى هنا في هذا السياق: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ} أي أولئك الذين يتوجه اليهم الناس بالدعاء هم أنفسهم {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ}، و " الوسيلة " هنا هي " القربة " كما قال قتادة، واختاره ابن جرير الطبري {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}. وإذا كان هذا حال المقربين إلى الله فالأولى والأضمن لغيرهم من بقية الناس أن يتجهوا رأسا إلى الله تعالى لكشف غمتهم، وقضاء حاجتهم، إذ لا حجاب بين الله وبين خلقه {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ

<<  <  ج: ص:  >  >>