وأعاد كتاب الله في هذا الربع الحديث عن قصة آدم وإبليس، ووصف أنواع المغريات التي يغري بها إبليس أتباعه من الناس، تحذيرا للمؤمنين من إبليس، ومغرياته، وتعريفا لهم بعداوته ومؤامراته، حتى لا يقعوا في شباك إبليس، ولا يستسلموا إلى ما يصطنعه من وسائل التزييف والتدليس، فقال تعالى:{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا * قَالَ} أي إبليس مخاطبا الحق سبحانه وتعالى: {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا} أي لأستولين عليهم ولأغوينهم، إلا قليلا منهم.
وقوله هنا:{هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} يؤكد معرفة إبليس بتفضيل الله لآدم وذريته، ويوضح السر في حقده عليه وعداوته، لكنه بالرغم من ذلك سيحاول إيقاع الإنسان في شبكته، وسيحاول الاستيلاء عليه عن طريق شهوته، ولذلك أعلن كتاب الله حكمه القاطع الرادع لمن رضي لنفسه أن يكون من أتباع إبليس {قَالَ} أي الحق سبحانه وتعالى {اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا}.
وكشف كتاب الله الستار عن بعض الوسائل التي يتوسل بها إبليس إلى إغواء الخلق، فقال تعالى في صيغة الزجر والتهديد:{وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ}، ويصدق هذا على