وقوله تعالى هنا:{فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} أي قلنا لموسى: اطلب من فرعون أن يرسل معك بني إسرائيل - {إِذْ جَاءَهُمُ} أي قلنا له ذلك حين جاءهم {فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا} - {قَالَ} أي قال موسى لفرعون: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ} يشير إلى الآيات التسع {إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ} أي أنزلها حججا دالة على صدق ما جئتك به {وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} أي هالكا، وكأن موسى أراد أن يقول لفرعون: إن ظننتني مسحورا فأنا أظنك مثبورا {فَأَرَادَ} أي فرعون {أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا}[الآية: ١٠٣].
وقوله تعالى هنا في هذا السياق خطابا لبني إسرائيل:{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} يظهر أن له ارتباطا وثيقا وشبها كبيرا بما سبق في أول هذه السورة نفسها، حيث قال تعالى:{وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا}، ثم فسر كتاب الله في نفس السياق المرة الأولى بقوله:{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا}[الآية: ٥]، وفسر المرة الثانية بعدها في نفس السياق بقوله:{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ}[الآية: ٧]. وهكذا يكون لفظ {الْآخِرَةِ} في الموضعين معا هنا وهناك بمعنى المرة الثانية، ويكون معنى:{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ} أي المرة