للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثانية، لا بمعنى القيامة والدار الآخرة كما فسرها البعض هنا بالخصوص. وكلمة {لَفِيفًا} الواردة في قوله تعالى هنا: {جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} يراد بها في اللغة الجماعات المنتمية إلى أصول مختلفة، والأخلاط من الناس، وهذا المعنى أصبح لاصقا باليهود منذ حل بهم عهد الجلاء، وتفرقوا في البلاد للابتلاء.

وانتقلت الآيات الكريمة بعد ذلك إلى الحديث عن معجزة القرآن، فتحدثت أولا عن طابع القرآن وفحواه، ثم بينت الحكمة في نزوله منجما على دفعات، لا دفعة واحدة، وأخيرا وصفت وقعه في نفوس المؤمنين، الذين اطلعوا على البشارة به في كتبهم قبل نزوله، فلما أدركوا نزوله تحققوا بوعد الله، وآمنوا به إيمانا لا يرقى إليه أدنى شك:

فإلى المعنى الأول يشير قوله تعالى هنا: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ} أي أنزلناه متضمنا للحق، إنشاء وأخبارا، أمرا ونهيا، بالنسبة للماضي والحاضر والمستقبل، {وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} فهو خالص من الشوائب، معصوم من التبديل والتغيير، والزيادة والنقص، ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى في سورة فصلت: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [الآيتان: ٤١، ٤٢].

وإلى المعنى الثاني يشير قوله تعالى هنا: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا}، ولفظ {فَرَقْنَاهُ} قرئ بتخفيف الراء، فيكون معناه: فرقنا فيه الحق من الباطل، وميزنا أحدهما عن الآخر، حتى لا يختلط على أحد الهدى

<<  <  ج: ص:  >  >>