بالضلال، وقرئ بتشديد الراء، فيكون معناه: أنزلناه متفرقا آية آية، {عَلَى مُكْثٍ} أي على تؤدة ومهل، وقد استمر نزوله مدة ثلاث وعشرين سنة، تبعا لطريقة التدرج، بالنسبة لعملية التحول والتطور التي يتوخاها الإسلام، حتى يتمكن الرسول والمؤمنون شيئا فشيئا من حفظ مبانيه، واستيعاب معانيه، وحتى يكيفوا حياتهم الخاصة والعامة مرحلة فمرحلة بمقتضى أوامره ونواهيه، وبمرور الأيام يتعمقون في فهم جزئياته وكلياته، ويلمون بأسباب نزوله وملابساته، ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى في سورة الفرقان:{كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا}[الآية: ٣٢].
وإلى المعنى الثالث يشير قوله تعالى هنا:{إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا}، وهذه الآية تصف فئة صالحة من أتباع المسيحية واليهودية عاشت إلى أن أدركت الإسلام، فسارعت إلى الدخول في دين الله، اعتمادا على ما تناقلته من البشارة برسول الله، وحسن إسلامها، فكانت تخر على وجهها خاشعة باكية كلما تلي عليها القرآن، وتسبح لله الذي صدقها وعده، وأنعم عليها بنعمة الإيمان.
وقوله تعالى:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} خطاب من الله تعالى للرسول والمؤمنين يتضمن وصف الكيفية المستحسنة للقراءة أثناء الصلاة، عندما يكون المصلي في حالة جهر. جاء عن محمد بن سيرين أنه قال: " نُبِّئْتُ