أن أبا بكر كان إذا صلى فقرأ يخفض صوته، وأن عمر كان إذا صلى فقرأ يرفع صوته، فقيل لأبي بكر: لم تصنع هذا؟ فقال: أناجي ربي عز وجل، وقد علم حاجتي، وأنا أسمع من أناجي. وقيل لعمر: لم تصنع هذا؟ فقال: أطرد الشيطان، وأوقظ الوسنان، فلما نزلت هذه الآية قيل لأبي بكر: ارفع قليلا، وقيل لعمر: اخفض قليلا ". وعلى هذا التفسير يكون لفظ (الصلاة) هنا في قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} مقصودا به القراءة فيها، كما أطلق لفظ (القرآن) وقصد به نفس الصلاة في قوله تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} أي صلاة الفجر، {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}.
وكما ازدانت فاتحة سورة الإسراء، بتسبيح الله وتمجيده، توجت خاتمتها بحمد الله وتوحيده، فقال تعالى في ختامها خطابا لنبيه وتلقينا للمؤمنين:{وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا}، قال النسفي في تفسيره: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفصح الغلام من بني عبد المطلب علمه هذه الآية، وكان يسميها (آية العز)".
والآن فلننتقل بعون الله إلى سورة الكهف المكية أيضا، وإنما عرفت هذه السورة باسم " سورة الكهف " أخذا من كلمة {الْكَهْفِ} الواردة في الآيات التالية: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ} - {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ} - {فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ} - {تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ} - {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ}