للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قومهم، وأن العاقبة للمتقين مهما طال الأمر، وبمجرد ما بعثهم الله أخذوا يتساءلون فيما بينهم عن المدة التي قضوها في الكهف، وانقسموا في تقديرها إلى فريقين، وعندما لم يهتدوا إلى جواب حاسم في الموضوع وكلوا أمر ذلك إلى علم الله، ونظرا لإحساسهم بالجوع المفرط فقد فكروا في أن يبعثوا أحدهم بما كان قد بقي معهم من النقود إلى المدينة التي اعتزلوها من قبل، ليشتري لهم منها طعاما طيبا يسدون به الرمق، لكنهم أشاروا على مبعوثهم في نفس الوقت أن يحذر ما أمكن من سكان المدينة حتى لا يشعر به أحد، ظنا منهم أن مدينتهم التي اعتزلوها من أجل الشرك لا تزال على ما فارقوها عليه، وأن أهلها لا يزالون متمسكين بعبادة الأصنام، وخوفا من أن أهلها إذا عرفوهم قتلوهم رجما بالحجارة، أو أكرهوهم على العودة إلى معتقداتهم الباطلة بدلا من عقيدة التوحيد، وفي ذلك الخسران المبين، وإلى هذا العنصر الثاني يشير قوله تعالى هنا: {وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ} أي وكما أنمناهم تلك النومة الطويلة أيقظناهم، فأخذ بعضهم يسأل بعضا عما صنع الله بهم: {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا * إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا}. وسبق في الربع الماضي قوله تعالى مشيرا إلى هذا العنصر، وهو بعثهم من مرقدهم، إذ قال تعالى: {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ} أي ضربنا على آذانهم حجابا من النوم

<<  <  ج: ص:  >  >>