تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا * فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ} أي صاعقة أو عذابا من السماء {فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا} أي أرضا ملساء لا ينبت فيها نبات، ولا يثبت عليها قدم {أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا} أي غائرا وغائبا في أعماق الأرض {فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا} أي لن تستطيع الحصول عليه ولا على غيره بدلا منه، لأن الماء " الغائر " يطلب أسفل الأرض، على عكس الماء " المعين " الذي يطلب وجه الأرض.
وقوله تعالى هنا {لكنا هو الله ربي} قال أبو عبيد: الأصل لكن أنا، فحذفت الألف، فالتقت نونان، فجاء التشديد لذلك، وفي قراءة أبي {لَّكِن أَنَا هُوَ اللَّهُ رَبِّي}.
ومضت الآيات الكريمة في استعراض ما آل إليه أمر المزرعتين، مبينة أن ما توقعه الرجل المؤمن لهما، وما تنبأ به لصاحبهما عن مصيرهما -نظرا لكفره وعدم شكره، وغروره وكبره- لم يلبث أن أصبح هو الأمر الواقع، الذي ليس له من دافع، إذ المؤمن ينظر بنور الله، وحينئذ ندم صاحبهما على كفره دون أن ينفعه الندم، وذاق من مرارة الخيبة والإفلاس أشد الألم، وإلى هذه الحالة يشير قوله تعالى في إيجاز وإعجاز:{وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} أي هلك كل ما كان في مزرعته من الثمار، يقال: أحاط به العدو إذا أهلكه {فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ} أي يضرب إحداهما على الأخرى ندما وتحسرا {عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا} أي من مال وجهد {وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي