للإنسان، ولا تنقطع بالموت، ويصدق عليها أنها (خير ثوابا وخير أملا)، وقد أعاد كتاب الله الحديث عن الباقيات الصالحات في سورة مريم، فقال تعالى:{وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا}[الآية: ٧٦].
وكما أنهى كتاب الله الربع الماضي بوصف الجزاء الذي يلقاه الكافرون في جهنم إذ قال:{إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} وختمه بقوله {بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} خصص بداية هذا الربع لوصف الجزاء الذي يلقاه المؤمنون في الجنة، فقال:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}، وختم وصف جزائهم بقوله:{نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا}.
وفي نهاية هذا الربع ركز كتاب الله الحديث حول قيام الساعة وما يرافقها من أهوال وأحوال، بما فيها النشر والحشر والعرض والحساب، فقال تعالى:{وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً} أي قاعا صفصفا وسطحا مستويا، فلا بنيان ولا شجر، ولا جبل ولا وادي، وإنما هو الانقلاب الشامل، {وَحَشَرْنَاهُمْ} أي قبل تسيير الجبال، ليشاهدوا تلك الأهوال {فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا * وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا} أي يعرضون صفا وراء صف، دون اختلاط ولا اختلال، أمة تتلوها أمة، وزمرة تتلوها زمرة، كما فسر ذلك مقاتل، فمن أعلن أنه من أهل الخير كان سروره بمعرفة الناس بحاله أعظم، لوقوف الخلائق على حقيقة أمره، ومن أعلن أنه من أهل الشر كان غمه بمعرفة الناس