للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا سبيل لنجاتهم من النار، بعدما سبق أن وجهه إليهم الحق سبحانه وتعالى من إنذار وإعذار: {وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا}. وبما يقرب من المعنى الوارد في هذا السياق جاء قوله تعالى في سورة البقرة: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [الآية: ١٦٦]، قوله تعالى في سورة الأنعام: {وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [الآية: ٩٤].

وانتقل كتاب الله إلى بيان أن الحق سبحانه وتعالى لم يترك وسيلة من وسائل إقناع الإنسان وهدايته إلى الحق والخير، ومساعدته على الاختيار المحمود، إلا وضمنها آيات الذكر الحكيم، وبالرغم من كل ذلك لا يزال يوجد من بين الناس من يصر على إنكار الحق والتمسك بالباطل، إما عنادا وجحودا، وإما تقليدا وجمودا، منبها في نفس الوقت إلى جهل هذا الفريق من الناس بحكمة الله، وعدم شكرهم لرحمة الله، إذ لا يعجز الحق سبحانه وتعالى أن يسلط عليهم عذابا يستأصلهم من الوجود، أو يعاقبهم بعذاب عاجل سريع، بدلا من أن يؤجل عقابهم إلى اليوم الموعود، فقال تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا * وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا} أي أنهم علقوا تصديقهم بالرسالة على برهان مادي محسوس يؤكد من لم يؤمن بها في الحين،

<<  <  ج: ص:  >  >>