لكن في حالة ما إذا أكمل الله دينه وانقطع الوحي الإلهي بالمرة، وختمت الرسالة إلى الأبد، كما هو الحال بالنسبة للرسالة المحمدية التي هي خاتمة الرسالات، إذ لا نبي بعد نبينا ولا رسول، فإنه لا يقبل من أحد من المسلمين مهما كانت درجته في العلم والصلاح والولاية أي قول أو فعل مخالف لنصوص الوحي الثابتة في كتاب الله وسنة رسوله، فنصوص الشريعة حاكمة على ما سواها، ومهيمنة على ما عداها، وكل ما يصدر عن الناس من الأقوال والأفعال لا بد أن يوزن بميزانها، فما وافقها كان مقبولا، وما خالفها كان مرفوضا، ومن هنا كان كل ما يخرم قاعدة شرعية أو حكما شرعيا ليس بحق في نفسه، بل هو إما خيال أو وهم، وإما من إلقاء الشيطان، حسبما نص عليه الشاطبي في (الموافقات)، قال تعالى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[النساء: ٦٥].
وانتقل كتاب الله إلى الحديث عن قصة أخرى سأل أهل الكتاب عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، هي قصة شخص يطلق عليه لقب " ذي القرنين "، كما سألوه من قبل عن قصة أهل الكهف التي ورد ذكرها سابقا في هذه السورة نفسها، وكما سألوه أيضا عن ماهية الروح حسبما ورد في قوله تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ}[الإسراء: ٨٥]، ومقصودهم من هذه الأسئلة وما ماثلها هو تعجيز النبي صلى الله عليه وسلم وتحديه، لأنهم يعرفون أنه " النبي الأمي " الذي