خاطبه ربه قائلا:{مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ}[الزخرف: ٢٥] وهم ينتظرون بفارغ الصبر أن يعجز عن الجواب، أو يجيب عن سؤالهم جوابا غير مطابق للصواب، ليتخذوا من ذلك ذريعة للطعن في رسالته، وإبطال نبوته، لكن الله تعالى يأخذ بيده، ويمده بمدده، وفي ذلك يقول الله تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا}.
غير أن لقب " ذي القرنين " الذي يظهر أنه لقب مشترك بين عدة أشخاص لم يطلقه كتاب الله على الاسكندر المقدوني، اليوناني الأصل، والوثني العقيدة، الذي هو احد من اشتهروا بهذا اللقب، بل هو شخص آخر تحدث كتاب الله عما آتاه من نصر وتمكين، حتى امتد نفوذه من المغرب إلى المشرق، ونصت الآيات الكريمة على إيمانه بالله واليوم الآخر، وعلى قيامه بواجبات الخلافة عن الله في الأرض أحسن قيام، بدليل ما ورد في سياق قصته حكاية عنه {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ}{قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا}، وبدليل امتنان الله عليه وتنويهه بشأنه، إذ قال تعالى:{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا}، والتمكين والتوفيق، إنما ينالهما عباده الصالحون، وبدليل تفويض الله إليه أن يختار من أساليب الحكم ما يراه مناسبا لمصلحة المحكومين واستعدادهم، إذ قال تعالى:{قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا}، وهذه الصفات في مجموعها لا تنطبق على الاسكندر المقدوني بحال، ولا