سيرتهم وأخلاقهم وأقوالهم، وخصت بالذكر آدم، وإدريس، ونوحا، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب (ويعرف أيضا باسم إسرائيل) وموسى، وهارون، وزكريا، ويحيى، عليهم السلام، وسيأتي في الربع القادم قوله تعالى مجملا الحديث عن الأنبياء، ومنوها بشأنهم عموما، بمناسبة ذكر طائفة منهم في هذه السورة {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا}.
ويتجلى من سياق هذه السورة على العموم التركيز على وحدة الرسالة الإلهية، وإن تعدد حملتها الذين تلاحقوا عليها جيلا بعد جيل، والتركيز على مضمون تلك الرسالة، وكونها رسالة تثبت الوحدانية لله، وتنفي عنه الشريك والولد نفيا باتا، كما تثبت البعث بعد الموت، وتقرر الجزاء الأخروي في الدار الآخر.
أما بداية " سورة مريم " فقد عنيت بالحديث عن زكرياء عليه السلام، {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} الذي أحس عند كبره بحاجته إلى إنجاب ولد صالح يكون خير خلف لخير سلف، فالتجأ إلى الله بالتوسل والدعاء ليهب له غلاما يرث عنه العلم والدين، رغما عن كون امرأته عاقرا لا ينتظر منها عادة أن تلد، وذلك قوله تعالى:{كهيعص * ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي} أي خاف شرار بني إسرائيل أن يغيروا من الدين، وأن لا يحسنوا الخلافة بعده