عيسى عليهما السلام بقوله تعالى:{ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ} إشارة إلى أن ما يدعيه اليهود على مريم العذراء إنما هو زور وبهتان، وإلى أن ما يعتقده النصارى من ان المسيح ابن الله إنما هو مجرد غلو فاحش، وادعاء باطل كل البطلان، وإذا كان المسيح يجعل فاتحة كلامه عندما نطق وهو لا يزال في المهد الاعتراف بعبوديته لله، فيقول بصيغة التأكيد {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} فكيف يزعم النصارى أنه إله أو ابن إله {مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ} أي تنزه عن أن يكون له ولد، وإذا كان عيسى ابن مريم قد ولدته أمه دون والد، فتلك معجزة من بين المعجزات المثيرة التي خرق الله بها العوائد {إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}، لكن وقوع معجزة كهذه المعجزة لا يقلب الحقائق، ولا يرفع إلى درجة الألوهية أي واحد من الخلائق، {وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}.
وقوله تعالى:{فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ} إشارة إلى ما وقع من اللعنة والشطط في شأن عيسى ابن مريم عليهما السلام، منذ ولادته إلى الآن وحتى الآن، بين الفرق المتعددة داخل الملة المسيحية نفسها من جهة، وبين اليهود والنصارى من جهة أخرى، فلا يزال أمره عند الكثير منهم لغزا من الألغاز، بينما أمره في الإسلام أوضح من فلق الصبح، و " الأحزاب " جمع حزب، وهو عبارة عن الفرقة المنفردة برأيها عن غيرها، وقد جاء كتاب الله في شأن عيسى وأمه مريم بالقول الفصل، لكن المفترين عليهما، والمسرفين في حقهما، أصروا على عنادهم، واستمروا