الحسن الباقي بين الناس، وذلك قوله تعالى:{فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} ويعقوب هو ولد إسحاق الذي عاش إلى جانب جده إبراهيم {وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا * وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا}، وبذلك تعززت عقيدة التوحيد، وتركزت دعوتها الخالدة جيلا بعد جيل.
ولعل الحكمة في الحديث عن إبراهيم الخليل في كتاب الله عموما، وفي أمر الرسول بأن يتلو على مشركي قريش ما أنزله الله في كتابه عن إبراهيم {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ} هي تذكيرهم بأن إبراهيم الذي ينتسبون إليه، ويقرون بأنهم من سلالته وولده لم يكن مشركا ولا يهوديا ولا نصرانيا، وإنما كان حنيفا مسلما، يكره الأوثان والأصنام، ويوجه إلى عبادها المغفلين أنفذ السهام، ولذلك اعتزل قومه وأباه، وهاجر إلى مكة وبنى فيها البيت الحرام مع ابنه إسماعيل لتوحيد الله، {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ}[البقرة: ١٢٧]. ولا يعتنق الشرك إلا من فقد عقله وحسه {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ}[البقرة: ١٣٠].
وأشار كتاب الله إلى اصطفاء موسى للرسالة والجمع له بينها وبين النبوة، وشد أزره بمعونة أخيه هارون، فقال تعالى منوها بقدره: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (٥١) وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} أي يناجي ربه {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا}. وكانت نبوة هارون إكراما من الله لموسى، مصداقا لقوله تعالى: {قَدْ أُوتِيتَ