بأن يقول لفرعون " قولا لينا " فمن دونه أحرى بأن يقتدي بذلك في خطابه، وأمره بالمعروف في كلامه، وقد قال تعالى:{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}.
وقوله تعالى:{قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} يتضمن وعدا من الله لكل من جند نفسه لهداية الخلق، والأخذ بيدهم إلى طريق الحق، أن يمده بمدده، ويجعل السكينة مهيمنة على روحه وجسده، فيواجه الناس دون خوف ولا وجل، ويمضي قدما إلى إنجاز ما يسر له من العمل.
وقوله تعالى ضمن ما لقنه موسى كي يخاطب به فرعون:{قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى * إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} يحتوي علي خير مثال يحتذى في مخاطبة الطغاة الظالمين، والعصاة الضالين. فاختيار كلمة (الرب) وكلمة (السلام) لهما أكثر من مغزى في هذا المقام، ولذلك استعمل خاتم النبيئين والمرسلين صيغة {السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى} في رسائله التي دعا بها أقطاب العالم في عصره إلى الإسلام، والتصريح في نفس الآية (بأن العذاب على من كذب وتولى) يتضمن تحذيرا غير مباشر، وهو في نفس الوقت لا يدمغ المخاطب بكونه ممن كذب وتولى فيثور ويغضب، بل على العكس من ذلك يدفعه إلى أن يستوعب الخطاب الموجه إليه بقابلية وتفتح، قال ابن عباس:" هذه الآية {أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} هي أرجى آية للموحدين، لأنهم لم يكذبوا ولم يتولوا ".