للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فترات النهار بعد شروق الشمس، إذ لو تواعد معهم عند طلوع الفجر أو عند الظهيرة لما حضر إلا القليل، ولو تواعد معهم عند المساء لما ظهرت المعجزة على الوجه الأكمل، لغلبة الظلام واختلاط الرؤية، قال ابن كثير تعقيبا على هذه الآية: " وهكذا شأن الأنبياء، كل أمرهم بين واضح، ليس فيه خفاء ولا ترويج، ولهذا لم يقل ليلا، ولكن نهارا ضحى "، وقال القرطبي تعليقا على نفس الآية: " وإنما واعدهم ذلك اليوم، ليكون علو كلمة الله، وظهور دينه، وزهوق الباطل، على رؤوس الأشهاد، وفي المجمع الغاص (بالناس)، لتقوى رغبة من رغب في الحق، ويكل حد المبطلين وأشياعهم، ويكثر التحدث بذلك الأمر العلم في كل بدو وحضر، ويشيع في جمع أهل الوبر والمدر ".

ومن ذلك ما حكاه كتاب الله عن سحرة فرعون كيف خاطبوا موسى وكيف أجابهم عند بدء المباراة أو المصارعة بين الحق والباطل {قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا} فقد فضل موسى أن يكون سحرة فرعون هم السابقين، ثقة منه بأن العاقبة للمتقين، ورغبة في أن تكون كلمة الحق هي الكلمة الأخيرة، إذ هي فصل الخطاب الذي لا معقب له، وقد ثبته الحق سبحانه وتعالى في هذا الموقف الحرج بقوله: {لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} فلم يخش مظاهر التدجيل والتهويل، ولم يرهب مناظر السحر المبني من أساسه على التخييل والتضليل، وهكذا ينبغي لكل داع من دعاة الحق أن يستوعب قبل كل شيء شبه الخصوم، ثم ينقض عليها واحدة بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>