للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ} [البقرة: ١٦٦، ١٦٧].

ومن ذلك قوله تعالى في نفس السياق: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ} ممتنا عليهم بنصر موسى والإفلات من قبضة فرعون، ومن مطاردة جنوده لهم ليردوهم على أعقابهم خاسرين. وامتنان الله بالنجاة قائم على الدوام، بالنسبة لكل من استغاث به من الظلم والطغيان، واستعان على مكافحة الطغاة بالصبر والإيمان، لكن بني إسرائيل كغيرهم كلما طغوا وأصبحوا ظالمين، وتعدوا حدود الله واعتدوا على الحق المبين، لا بد أن يسقطوا من جديد، في قبضة جبار عنيد، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى خطابا لهم ولكل من جاء بعدهم: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} أي لا تكفروا النعمة، ولا تنسوا شكر المنعم بها عليكم، فقد حذر كتاب الله هنا من التجاوز والطغيان من كانوا إلى عهد قريب يئنون من الطغيان، لأن عاقبة الطغيان بالنسبة لأي إنسان كيفما كان هي الإبادة والهلاك، والتعرض لغضب الله الذي لا يرضى لحرماته بالإهانة والانتهاك، وهذا المعنى هو الذي زادته الآية التالية توضيحا وإشراقا في صيغة العموم والشمول، إذ قال تعالى: {وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} كأنما سقط إلى الهاوية من جبل شاهق، و " غضب الله " كناية عن استحقاق عقابه وعذابه، ومقته وخذلانه لمن أعرض عن كتابه.

وخُتِم هذا الربع بآية من أرجى آيات الذكر الحكيم، لأنها

<<  <  ج: ص:  >  >>