العادات، ما لا يعجز عنه رب الأرض والسماوات، وتخلص من جميع الأزمات، وأفلت من قبضة عدوه دون أن يلحق به العدو أية آفة من الآفات.
ومن ذلك قوله تعالى تعقيبا على الموقف البليد الذي اتخذه فرعون ضد الرسالة الإلهية التي حملها موسى إليه وإلى قومه:{وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى}، وهذا التعقيب القرآني البديع يعتبر ردا على مزاعم فرعون التي كان يرددها أمام الملأ من قومه، تضليلا لهم وتمويها عليهم، فقد كان يقول كما حكى عنه كتاب الله في آية أخرى:{مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ}[غافر: ٢٩]، فأكد كتاب الله في هذا المقام أن فرعون إنما أضل قومه ولم يهدهم، وجر الهلاك على نفسه وعليهم، وهذا دليل على المسؤولية الثقيلة التي يتحملها الرؤساء والكبراء عن أنفسهم وعن قومهم، مما يجب أن يحسبوا له الحساب، ويقدروا عواقبه التقدير الصحيح حتى يفلتوا من العقاب والعذاب، فكم من رئيس أو كبير بعثت على يده أمة، وكم من رئيس أو كبير هلكت على يده أمة، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى على لسان الأقوام المخدوعين المضللين، وقد أصبحوا من سادتهم متبرئين وعلى كبرائهم ثائرين:{وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا}[الأحزاب: ٦٧، ٦٨] {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا