للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المتعلقة بكل وقت ". لكن الحق يفاجئ عبده الكليم بما أحدثه بنو إسرائيل من بعده {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ}. وكم كان هول هذه الصدمة شديد الوقع على موسى، فقد أحس بأن قومه أصابتهم مدة غيبته القصيرة نكسة كبرى وهم لا يزالون في بداية الطريق {فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ}، وفي هذا الاستفهام استغراب واستنكار، إذ لم يغب عنهم موسى زمنا طويلا حتى يقع ما وقع، ولم تزد مدة غيبته على أربعين يوما {أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي}. وها هو موسى عليه السلام يواجه قومه بالوعد الممزوج بالوعيد، وها هو يبدو عليه من الغضب والحزن ما ليس عليه من مزيد، وها هو يوجه إلى بني إسرائيل إنذارا بحلول غضب الله عليهم، ملوحا بذلك إلى الإنذار الوارد في الخطاب الإلهي السابق في الربع الماضي، إذ قال تعالى: {وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى}.

وحاول بنو إسرائيل جاهدين أن يبرروا موقفهم ويفسروا انحرافهم، زاعمين أن الوعد الذي قطعوه لموسى عليه السلام بالثبات على طاعة الله وعبادته إلى أن يرجع من " الطور " لم يخلفوه اختيارا، وإنما أخلفوه اضطرارا، بدعوى أن الإنسان إذا وقع في الفتنة لم يعد يملك نفسه، {قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا}، متعللين بأنهم عندما فارقوا وطن فرعون حملوا معهم من حلي قومه وزينتهم الذهبية كميات كثيرة كانت موضوعة تحت

<<  <  ج: ص:  >  >>