في الدين، وإنما أوجبت تأديبا عاجلا، لأن الإنسان يومئذ كان في طور كطور الصبا، فلذلك لم يكن ارتكابها بقادح في نبوة آدم، {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى}. يضاف إلى ذلك أن العالم الذي عاش فيه آدم في مستهل حياته لم يكن (عالم تكليف) بالمعنى المتعارف عند أهل الشرائع، بل عالم تربية فقط، فإطلاق " المعصية " و " التوبة " و " ظلم النفس " مما ورد في قصة آدم هو بغير المعنى الشرعي المعروف، وتوبة الله عليها بمعنى التسبب في حرمانها من لذات كثيرة بسبب لذة قليلة،
وقوله تعالى في سورة البقرة في نهاية قصة آدم:{قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[الآيتان: ٣٨، ٣٩] هو الذي بين لهم به الحق سبحانه وتعالى أن المعصية إن وقعت بعد ذلك اليوم يكون جزاؤها جهنم ".
وبنفس المعنى جاء قول الله تعالى في هذا الربع في ختام نفس القصة:{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} كأن التكليف لم يكن مفعوله من قبل ساريا ولا حكمه سائدا، وإنما ابتدأ من الآن فصاعدا.
ووجه كتاب الله في نهاية هذه السورة الخطاب إلى خاتم الأنبياء والمرسلين، مستخلصا العبرة من قصة آدم وقصة موسى، منبها إياه إلى الائتساء بهما والاقتداء، في مكافحة العوائق