وجوابا عن سؤال:" كيف أسكن الله تعالى آدم وحواء الجنة، وكيف أزلهما الشيطان عنها "، أجاب القاضي عبد الجبار في كتابه (تنزيه القرآن عن المطاعن) قائلا ما خلاصته: " إن آدم وحواء اعتقدا أن الله تعالى إنما نهى عن شجرة بعينها، لا أنه نهى عن جنس الشجر كله، ولما ذهلا عن هذا التأويل وقع ما وقع، ولذلك قال تعالى:{فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} ثم من بعد ذلك تاب الله عليهما، فزال تأثير تلك المعصية، ولذلك قال تعالى:{فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ}.
ومن لطائف التفسير التي عرفتها هذه القصة ما أبدع به القاضي أبو بكر (ابن العربي) عند تحليله لها إذ قال: " حاش لله أن يقع الأنبياء في الذنوب عمدا منهم إليها، واقتحاما لها مع العلم بها، فإن الأوساط من المسلمين يتورعون عن ذلك فكيف بالنبيين، ولكن الباري سبحانه وتعالى بحكمه النافذ، وقضائه السابق، أسلم آدم إلى المخالفة، فوقع فيها (متعمدا ناسيا)، فقيل في تعمده {عَصَى آدَمُ رَبَّهُ}، وقيل في بيان عذره {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ}. ونظيره من التمثيلات أن يحلف الرجل: لا يدخل دارا أبدا، فيدخلها متعمدا، ناسيا ليمينه، أو مخطئا في تأويله، فهو عامد ناس، ومتعلق العمد غير متعلق النسيان ".
ويرى الشيخ الإمام محمد الطاهر ابن عاشور في تفسيره " أن الخطيئة يومئذ لم يكن مرتبا عليها جزاء عقاب أخروي ولا نقص